ذات يوم كنت في نيويورك مع أحد أصدقائي وكنا نتنقل بواسطة سيارة أجرة .. وعندما وصلنا إلى وجهتنا تقدم صديقي نحو سائق سيارة الأجرة وقال له " شكراً لك لإيصالنا .. لقد قمت بعمل مميز "
تفاجأ سائق سيارة الأجرة وجزع لوهلة ومن ثم قال لصديقي " هل تستهزئ بي أنت وصاحبك ؟ "
فرد صديقي " لا يا صاح أنا لا أستهزئ.. كل ما هنالك أنني أعجبت بهدوئك وطريقة إخراجنا من الزحام "
فهمهم سائق سيارة الأجرة ومضى في حال سبيله، فتعجبت منه قائلاً " ما الذي قد فعلته للتو ؟ "
فأجاب " أنا أحاول أن أعيد الحب إلى مدينة نيويورك .. إنها الطريقة الوحيدة التي أستطيع بها القيام بذلك "
"ولكن كيف يمكن لرجل واحد أن يعيد الحب إلى نيويورك" هكذا تساءلت
فرد علي " انه ليس رجل واحد .. إن ما قمت به هو التالي لقد غيرت من يوم سائق سيارة الأجرة هذا ونقلت إليه طاقة إيجابية .. ولنفترض انه سيقوم ب20 توصيلة أخرى اليوم ..ولأنه سعيد لابد أن ينقل سعادته وطاقته الايجابية لكل هؤلاء الذين سيركبون معه وسوف يعاملهم بصورة حسنة ومن ثم هؤلاء الذين ركبوا معه سوف يقومون بالمثل وسوف ينقلون سعادتهم وطاقتهم الإيجابية لكل الأشخاص الذين سوف يقابلونهم لاحقاً من أصحاب محال و موظفين و أفراد عائلة .. في النهاية الطاقة الإيجابية والشعور الطيب سوف ينتشر على الأقل إلى 1000 شخص وهذا ليس بالسيئ أليس كذلك ؟ "
فقلت له " ولكنك تراهن على أن ينقل سائق الأجرة ذاك الطاقة الايجابية إلى الآخرين "
فقال لي " أنا لا اعتمد عليه فحسب .. أنا أعي أن ما أقوم به قد لا ينجح وقد يتعثر بسبب شخص " ما " ولكنني أتعامل مع عدة أشخاص كل يوم .. يقاربون العشر .. وان استطعت ان اجعل 3 أشخاص من اصل 10 ينقلون الطاقة الايجابية تلك .. فاني سأكون قد نشرت الطاقة الايجابية وأثرت بصورة غير مباشرة على3000 شخص
فقلت له " نظرياً يبدو هذا صحيحاً أنا اعترف لك بهذا .. ولكن لا اعتقد أن ذلك سينجح عملياً "
فأجاب " لن أخسر شيئاً إن لم أنجح .. فما فعلته لم يستغرق مني أي مجهود أو وقت .. كما أن سائق الأجرة لم يأخذ أكثر من أجرته ولا اقل .. فإن لم يلقى مشروعي آذانٌ صاغية تستقبل الطاقة الايجابية وتعيد نشرها .. لن أخسر أي شيء .. كما أنني في الغد سوف أصادف سائق سيارة أجرة آخر سأحاول معه مجدداً "
فرددت عليه " هذا جنون "
فقال " ألهذا الحد غدوت ساخراً .. لقد قمت بدراسة على هذا الأمر .. لقد تبين ان ما ينقص عاملي البريد ليس فحسب العلاوة والزيادة في الراتب إنما هم يشعرون بالنقص حيال تقدير عملهم أيضاً .. فلا احد يخبرهم ان كانوا يقومون بعملهم على نحو جيد او لا "
فقاطعته قائلاً " ولكنهم فعلاً لا يقومون بعملهم على نحو جيد "
فقال " إنهم لا يقومون بعملهم على نحو جيد لأنهم يشعرون انه لا يوجد من يهتم لذلك فلا فرق بين إن قاموا به على النحو المطلوب أو لا .. لماذا لا يعترف أحدٌ بفضلهم .. ويشكرهم على عملهم "
وفي أثناء حديثنا ذاك مررنا بخمس عمال بناء كانوا في استراحة الغداء يتناولون الطعام فتوقف صديقي وقال لهم " يا لهذا العمل الرائع الذي قمتم به في هذا المبنى .. كما أن عملكم على تلك الارتفاعات يبدو خطيراً وصعباً .. أنا أقدر عملكم حقاً "
فنظر عمال البناء إليه بعين الريبة فاستدرك قائلاً " متى سوف تنهون هذا المبنى " فأجابه احدهم في شهر يونيو .. فأعقبه بقوله " انه مثيرٌ للاهتمام حقاً ..لا بد وأنكم فخورون حقاً بهذا العمل "
أكملنا سيرنا وقلت له " لم أرى رجلاً مثلك منذ عرض مسرحية رجل من لامانشا "
فقال لي "عندما يستوعب هؤلاء الرجال ما قلته لهم سوف يعود ذلك بصورة ما على سعادة هذه المدينة بالإيجاب" فحاججته بالقول " لا يمكنك أن تقوم بذلك لوحدك .. أنت مجرد شخص واحد "
فقال لي " إن أهم شيء أن لا تثبط عزيمتك في هذا الأمر .. إن تحويل مدينة بهذا الحجم إلى مدينة "لطيفة " ليست بالمهمة السهلة .. كم أتمنى أن أدفع الناس للعمل معي في هذه الحملة ... "
آرت باشولد