بدأت شرارة التحول في حياتي من فتاة مدللة لا تجرؤ على اجتياز الشارع الى فتاة قادرة على خوض غمار الحياة. بدأ ذلك بانضمامي إلى كشافة الجامعة التابعة لعمادة شؤون الطلبة. فعلى الرغم من الاعتراض على التحاقي بها من قبل الأهل إلا أنني تمكنت من إقناع والدتي بمرافقتي في أول أذهب فيه للتدرب في الكشافة مما شجعها على تقبل الفكرة.
بقلم: قاهرة ترياقي....تحرير: دائرة العلاقات العامة
ليست الكشافة استعراضاً أو مشاركةً بمهرجان. بل هي أسلوب حياة وفلسفة لتعزيز الاواصر المجتمعية فالكشاف جندي دون سلاح. وسّعت تجربة تطوعي بالكشافة من آفاق البحث عما هو جديد لان النظام الكشفي يلزم المتطوعين بتوسيع مداركهم وتقوية شخصياتهم سواء من خلال المشاركة بالورش أو المخيمات أو الاحتفالات الكشفية. شجعتني الكشافة على الانخراط بالمجتمع حتى صرت فرداً فاعلاً من العائلة الكشفية وأصبح عرين الكشافة منزلي الثاني.
علمتني الكشافة أن أخلص لله ورسوله وأن أحب الوطن والعائلة والناس أجمعين وأن اعتمد على نفسي في مختلف الظروف وأن أتعاون مع الكشافة الآخرين بكل جهد لتحقيق الأفضل للجميع. علمتني الحياة الكشفية مواجهة الصعاب بقلب مفعم بالإيمان والتفاؤل والأمل. علمتني الكشافة أيضا أن أكبر كل يوم عن اليوم الذي سبقه بأخلاقي ومبادئي وأن أساعد المحتاج دون انتظار شكر من أحد.
علمتني الكشافة أن السعادة تكمن بمشاركة الآخرين أفراحهم وآلامهم وأن الحياة تتنقل بين الورد والشوك والألم والفرح. الكشافة هي بداية المشوار في الحياة. أن تكون كشافاً بصفاتك وخصالك لا بلباسك. وأن تتحول الثقافة الكشفية الى سلوك دائم بشخصك وليس سلوكاً مؤقتاً. فعندما أصبحت الثقافة الكشفية محوراً أساسياً من ثقافتي أدركت عائلتي التغير الكبير الذي طرأ على حياتي مما طور نظرتهم للعمل الكشفي.
تغيرت ملامح شخصيتي فأصبحت أكثر قوة وتعزز ذلك بالثقة الكبيرة التي حصلت عليها من عائلتي كلما شاركت بالعمل الكشفي. لم يعد الخوف هاجساً بعد الاقتناع بهذا الجهد المميز الذي يقوم به متطوعو الكشافة في مختلف المناسبات الوطنية والدينية والاجتماعية والثقافية. أشعر أنني قد أصبحت أكثر نضجاً ووعياً. اختفت شخصية الفتاة (قاهرة) التي تعتمد على حماية أهلها لها.
شاركت بالعديد من المخيمات الكشفية والبيئية والعديد من الورش التي عقدت بالجامعة أو خارجها وكان آخرها معسكر التعايش مع الأمن الوطني الفلسطيني في أريحا والذي نظمته دائرة العلاقات العامة. كانت تجربة مميزة ولا أبالغ إن قلت أنها أشبه بالحلم الجميل. فعلى الرغم من قسوتها إلا أنني استمتعت بكل لحظة خلال ذلك المخيم. تعايشت مع قسوة المدربين وطيبتهم في نفس الوقت. بدأت التجربة بالمسير الليلي وتجربة الإنزال التي بدت مخيفة للوهلة الاولى وسرعان ما أحببناها جميعاً.
أرغب بخوض المزيد من التجارب ومعرفة ما هو جديد في هذا العالم. لقد وجدت نفسي بالعديد من الأمور فاحترفت الرسم وأحببت الشطرنج وأحببت تخصصي وعشقت بلدي. أحببت حياة الكشافة. حافظت على نفسي فلم أتهور تمردت واعترضت بلطف واحترام. خطوت بحذر وأحببت الناس وأحبوني والاهم أنني أرفع رأس أهلي وجامعتي ومدينتي ووطني. رحم الله أبي وأطال بعمر والدتي وشكراً لجامعتي وكشافتها.