فـي الدول النامية كمــا فـي الدول المتقدمــة، هناك مراحـل لا بــد أن يمــر بهــا المتقــدم لأية وظيفة، وبخاصة إذا كانــت الوظيفــة فـي القطــاع الخاص، حيـث أن عامل الربــح مهم جـدا في المؤسسـة. لذا تلجـأ إدارة المؤسسـة إلـى إجراء مقابلات شخصــية للمتقدمــين للوظيفــة لتعــيين أفضلهم. أما في القــطاع العام فجــرت العادة أن يخضــع مقــدم طلـب الوظيفــة إلى امتحان، وغالـبا ما يكـون كتابـيا وقــد يكــون شفــهيا.
وفـي واقعنـا الفلسطينـي، يظهــر بوضــوح أن فـرص العمــل ضئيلــة جــدا، والعـرض أقل كثيراً من الطلــب، ولذلــك تكــون المنافســة شــديــدة لنيــل الوظيفــة.
ومــن المعلــوم أن الطالــب يبـدأ بالتفكــير بالوظيفــة فـي الفصـل الأخيـر من دراسته الجامعيــة، اللهم إلا مـن رحـم ربّـي، وكانـت عنده الفرصــة لعمــل عائلــي، أو وسـاطـة فاعـــلة، لذلـك فمـن الأهميـة بمكان أن يشتغـل طالـب الوظيفــة علــى نفســه بجــد واجتهــاد، لعلـــه يفـوز بعمــل يلبــي حاجـاتـه المختلــفة كلهــا.
وتبـدأ هـذه الاستعـدادات فور تخــرّج الطالـب مـن الجامعــة، حيـث يحصــل علــى وثائــق التخــرج، ويبــدأ بإنجــاز التصديقـــات اللازمــة عليهــا، ثــم بحهّز السيــرة الذاتــية، والتــي بها تتعــرف المؤسســة إلى شخــص مقــدم الطلــب.
وحتّى تتعــرف المؤسسة إلى شخصــية مقدّم الطلب، تلحــأ إلــى إجــراء المقابلــة الشخصيــة، بحيــث تتعــرف إليه شكــلا وموضوعــا بعـد أن تكـون قـد اطلعـت علـى سيـرتـه الذاتيــة.
ولإنجـاز هـذا العمـل، تقـوم المؤسسـة بتشكيـل لحنـة لمقابلـة مقدّمـي الطلبـات، وغالـبا مـا تكـون هـذه اللجـنة مـن ذوي الاختـصاص.
وحـتى ينجـح مقـدّم الطلـب فـي الحصـول علـى رضـا هـذه اللجنـة، عليـه أن يهتـم بأمـور ثـلاث علـى مستوى عال مـن الأهميــة:
1- ما يتعلـق بالأمور المستنديـة.
2- ما يتعلـق بالأمور النفسيـة.
3- ما يتعلـق بالأمور الشخصية.
فعلــى المستوى المستندي
قلنـا إن الطالـب يحصـل علـى وثائـق التخـرج مـن الجامعـة، ثـم يقـوم بإجـراء التصديقـات اللازمـة عليهـا مـن الجهـات المختصـة، ويقـوم بتحضيـر السيـرة الذاتيـة والبيانـات المتعلقـة بالخبـرة العمليـة، والندوات، والدورات، وورشـات العمـل التـي حضـرها، ثم يـدون هـذه المعلـومات فـي السيـرة الذاتية أو في طلـب الوظيفــة.
ويتوجـب عليـه فـي هذه الحالـة، أن يكـون حاصـلا علـى وثائـق تثبـت حضـوره هذه الندوات، أو الدورات، أو ورشات العمـل.
فإذا كـان قـد قـدّم هـذه الأوراق مـع الطلـب فهـذا جيـد، وبغير ذلـك، فعلـيه أن تــكون هــذه المعلومــات والمستنـدات جاهــزة معــه عنــد المقابــلة، إذ قد تطلــب لحنــة المقابلــة الاطلاع عليهــــا.
المهــم أن تكــون الوثائـق التـي سيقدّمهـا كاملـة، ومستوفيـة للشروط التـي تؤكّـد صــدق مـا دوّنـه فـي طلـب الوظيفــة، أو فــي السيـرة الذاتيــة.
إن صــدق البيانات المقدّمـة ووضوحهـا، وتبويبهــا بالشكل الصحيـح يساعـد لجنـة المقابلـة علـى التعــرف إلى شخــص مقـدّم الطلـب، ويسهـل عليهــم وعليـه أيضـا إجراء المقابلـة بالشكــل السهـل والسلـس، وبهذا يكـون قـد تخـطى الجانـب الأول المهـم مـن جوانب المقابلــة.
وعلـى المستوى النفسي
فهذا الأمـر مهم جـدا جدا. لقـد ذكرت أن المقابلـة هـي الوسيلة لكـي تتعـرف المؤسسـة إلى شخصيـة مقـدم الطلـب، بعـد أن تكــون قـد تعرفــت إلى شخصـه مـن خلال طلـب الوظيفـة أو مـن خلال السيرة الذاتيـة.
وعليه فمـن الأمـور المهمـة، أن يكـون الشخـص متوكـلا علـى اللـه سبحانـه وتعالـى، مؤمنـا بأنـه سيحصـل علـى ما قـدّر اللـه لـه، ولذلـك عليـه أن يكـون مطمـئن النفـس، قانعـا بالوظيفـة التـي يتقـدم لهـا، إذ أن هذه القناعـة من الأمـور الهامـة التـي تساعـده عن الإجابـة عن أسئلـة أعضـاء اللجـنة.
مـن الأمـور المهمـة أيضاً، أن يهتـم الشخـص بنفسـه، وليس بغيـره مـن المتقدميـن للوظيفــة، فــلا يجـب أن يقارن نفســه بهـم، أو يفكر بعددهــم أو بعلاقاتهــم.
وحتـى لا يضطـرب، عليـه أن يحضــر إلــى موقـع المقابلـة قبـل الموعد بزمـن قليـل، وذلـك حتـى يتحاشـى طول الانتظـار الذي غالبـا ما يؤدي إلـى التوتـر. ثم إن عليـه ألا يحاول سـؤال مـن سبقـه إلـى المقابلـة عـن كيفيـة المقابـلة، أو عـن شخصيـة أعضـاء اللجــنة، أو الأسئلـة التـي يطرحونهـا.
عليـه أن ينتظــر حتـى يأتـي دوره لمقابلــة اللجنـة، وعنـدهـا ستبـدأ الأسئلـة، وفي هـذه الحالـة عليـه أن يكـون هادئ النفـس مطمئنا إلى قدراته وإمكاناتـه، قانعـا بمـا سيقـدر اللـه لـه، الأمر الذي سيمكنه مــن الجلــوس بهــدوء، والإجابــة عن الأسئلة بطريقة مقنعة دون كلل أو ملل حتى تنتهـي المقابلـة. وعــند انتهـاء المقابلــة، عليـه أن يخرج مـن الغرفـة بهـدوء دون أن يظهـر عليه أي انفعال أو توتـر.
صحيح أن مـا أقوله قـد يبـدوا مـن المثاليـات، ولكنّهـا الحقيقة إذ ان أي لجـنة مكلفـة بإجـراء المقابلـة تـدرس شخصيـة طالـب الوظيفـة، عندئذ، يمكنهـا الحكـم إن كـان هو الشخـص المناسـب، أو انـه شخـص مضطـرب وهذا مـا لا يرضـي اللجنة.
ثـم إن عليـه بعـد أن يخـرج مـن المقابلـة، مغادرة الموقـع دون أن ينتظـر الحصـول علـى أية معلومات عـن النتيجـة، بـل عليـه أن ينتظـر حتّى يتسلـم الجـواب مـن المؤسسـة.
أما علـى المستوى الشخصـي
فمـن البدهي أن الانطباع الأول لـه أثـر كبير فـي تقييم شخصيـة طالـب الوظيفـة، والانطباع الأول يكـون بالشكـل والسلـوك. فبادئ ذي بدء علـى الشخـص، ذكرا كـان أم أنثى، أن يهتـم بمظهـره الخارجـي، بمعنـى أن تكـون الثيـاب مرتبـة ونظيفـة، وأن يدخـل الغرفـة بثبـات ووجـه مرتـاح، وأن يطـرح السـلام بالشكل الـلائق ، وأن يجلـس بهـدوء، وان ينـظر إلى وجـوه أعضاء اللجـنة، لا أن ينظـر إلى الأرض أو إلى أرجاء الغرفـة. ثـم إن عليـه السكـوت بعـد الانتهـاء مـن الإجابة ريثمـا يسـأل مـرة أخرى. ومـن المهـم المحافظـة علـى الهـدوء حتـى لـو استفـز مـن قبـل أي مـن أعضاء اللجـنة، حيث إن ذلـك ممكن، خصــوصـا للوظائـف التـي تتطلـب الأعصاب الهادئة. وأخيرا وبعــد انتهـاء المقابلــة مغادرة الغرفـة بالهيئة نفسها الــتي دخــل بها.
ولا أنسى أن اذكـر بهذه المناسبـة، أن علـى مقـدم الطلــب إغلاق الهاتـف النقـال قبـل دخـول غرفـة المقابـلة، وإن حصـل ونسـي ذلك ورن جـرس الهاتـف، فعلـيه عـدم الإجابة وإقفال الهاتـف بهـدوء دون إبداء أي انزعـاج.
إذا استـطاع الشخـص أن يحقـق هـذه الأمور الثلاثة بدقـة، فإنـه وبـلا أدنى شـك سيعطـي انطباعـا جيـّدا للجــنة المقابلة، تدعمها المؤهلات الـــتي يقدمها، على أن تتوافــق مــع شروط الوظيفة.
إن مجريــات المقابلــة الشخصية، أساسية فــي تقــرير هــل يقبــل للوظيفـــة أم لا، بغـــض النظـــر عــن العوامــــل الأخرى.